لا بنزين في غالبية
المناطق اللبنانية. السيارات متوقفة في الطرقات، يتركها أصحابها قرب الأرصفة ويغادرون سيراً على الأقدام.
محطات الوقود نفّذت بغالبيتها إضرابها، وقطعت عن المواطنين مادة حيوية، من دون أي تدخل من أي جهة رقابية أو تنظيمية، بينما من فتح من المحطات باع
البنزين "بالغالون" سعة خمسة وعشرة ليترات، لطوابير كبيرة من المواطنين امتدت أمامها. ونشطت إلى جانب المحطات، سوق سوداء رفعت أسعار الغالون بين 50% و100%. وما زاد من الأزمة، ضعف المواصلات العامة من جهة، والتمركز الاقتصادي في بيروت من جهة أخرى، إذ إن غالبية العاملين والموظفين يتوجهون من مناطق بعيدة إلى بيروت للالتحاق بوظائفهم، وهؤلاء تهافتوا على المحطات التي لم تلتزم بالإضراب، سعياً للحصول على بعض ما يمكن أن يسيّر مركباتهم. أما في ما يتعلق بسبب الإضراب، فالمحطات تتذرع بالمستوردين. تقول إن الأخيرين يريدون ثمن الوقود بالدولار، في حين أن المواطنين يدفعون بالليرة اللبنانية، وبالتالي لم يعد بقدرة أصحاب المحطات شراء الوقود. لكن هذا التحرك يتزامن أيضاً مع غضب المستوردين، الذين يرفضون بغالبيتهم اتباع آلية مصرف لبنان للحصول على الدولار (إيداع 15% من المبلغ المطلوب بالدولار، وما تبقى بالليرة اللبنانية)، فقامت وزارة الطاقة بإطلاق مناقصة دولية لاستيراد البنزين في خطوة نادرة جداً في لبنان. وبالرغم من تصاعد الأزمة، أكدت نقابتا أصحاب محطات بيع المحروقات وأصحاب الصهاريج وموزعي المحروقات الجمعة "الاستمرار بالإضراب حتى إشعار آخر". في المقابل تداعى اللبنانيون إلى الشارع، كما نفذ عدد من سائقي الأجرة إضراباً في بيروت وعدد من المناطق عبر ترك سياراتهم في الشوارع. بموازاة أزمة البنزين، استمر سعر صرف الليرة اللبنانية بالتراجع، ليصل الدولار إلى 2150 ليرة في مقارنة مع السعر الرسمي وهو 1507 ليرات، وسط شكوك واسعة حول دخول المضاربين إلى خط الأزمة، بحيث تنتشر الكثير من الشائعات حول سعر الصرف، بالتزامن مع إطلاق حملات للإحجام عن صرف الدولار ريثما يرتفع لتحقيق الأرباح.
ونفذ الصرافون إضراباً أيضاً الجمعة، إلا أن عدداً كبيراً من الصرافين في الأسواق الرئيسية في بيروت والمناطق لم يلتزم به.
وجاء الإضراب رفضاً لـ"الاتهامات المغرضة وغير المحقة والتي تصوب عليها في محاولة يائسة لتحميلها وزر الأزمة". وشددت نقابة الصرافين على استنكارها لما وصل إليه سعر صرف الليرة من انخفاض نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية والمالية المتراكمة في البلد، رافضة استمرار انخفاض قيمة العملة الوطنية، لكونها تتأثر بالأزمة أسوة بغيرها من القطاعات حيث إن عمليات البيع والشراء في السوق تستنزف رساميل الصرافين وتهدد وجودها، لكون غلاء أسعار المواد الاستهلاكية تتأثر به جميع القطاعات ومن ضمنها قطاع الصرافة. وناشدت السلطات السياسية والمالية بإيجاد الحلول التي تساهم في الحد من هبوط سعر صرف الليرة اللبنانية "والذي بالمناسبة لا يحد من عمل الصرافين كون هامش ربح عمليات البيع والشراء محدود في كل الظروف".