يتأهب العراقيون، اليوم السبت، لتنظيم تظاهرات واسعة، تأكيداً على مواصلة انتفاضتهم، بعد استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، والتي من المقرر أن يناقشها البرلمان، في جلسته الطارئة، غداً الأحد.
ومن المقرر أن يعقد البرلمان العراقي، ظهر غد الأحد، جلسة طارئة كان أعلن عنها، الخميس، بحسب بيان رسمي ذكر أنّها لمناقشة أحداث الناصرية بعد مقتل عشرات المتظاهرين العراقيين على يد قوات الأمن وإصابة المئات، غير أنّ تطورات الجمعة والتي شهدت إعلان رئيس الوزراء، في بيان، أنّه سيرسل استقالته إلى البرلمان بأسرع وقت ممكن، تجعل من إمكانية جعلها جلسة مخصصة للتصويت على الاستقالة محتملة جداً.
وأمس الجمعة، أعلن عبد المهدي، في بيان، عزمه تقديم استقالته إلى البرلمان بشكل مباشر وسريع، وذلك بعد ساعات قليلة من خطبة للمرجع الديني علي السيستاني ألقيت على وقع تشييع عشرات القتلى من المتظاهرين الذين قتلوا في النجف والناصرية بنيران قوات الأمن العراقية.
وقضى آلاف المتظاهرين العراقيين، ليلة الجمعة-السبت، في ساحات التظاهر بالعاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية، بشكل هادئ لأول مرة، حيث توقفت أصوات الرصاص وتلاشى دخان قنابل الغاز المميتة.
ولم تشهد الساعات الماضية من ليلة أمس، أي صدامات مع قوات الأمن العراقية رغم حالة التأهب التي شهدتها الناصرية والسماوة والديوانية والنجف التي شهدت مقتل 16 متظاهراً، نهار أمس الجمعة، على يد قوات أمنية وعناصر من مليشيا "سرايا عاشوراء" وسط المدينة وقرب مُجسر ثورة العشرين.
ورفع متظاهرو بغداد شعارات جديدة وهي "الاستقالة لا تكفي، كلكم مجرمون"، و"لن تخدعنا استقالة ولا استبدال مجرم مكان آخر".
420 قتيلاً خلال يومين
ووفقاً لمصادر طبية عراقية، فإنّ حصيلة ضحايا، تظاهرات الخميس والجمعة، في النجف والناصرية وبغداد والسماوة تجاوزت 53 قتيلاً وأكثر من 700 مصاب وجريح.
وقال مسؤول بوزارة الصحة، لـ"العربي الجديد"، إنّ كثيرا من المصابين قضوا داخل المستشفيات بسبب خطورة إصاباتهم"، لافتاً إلى أنّ إجمالي عدد القتلى منذ بدء التظاهرات ارتفع باليومين الأخيريين إلى أكثر من 420 قتيلاً.
وفي بغداد ما زالت ساحة التحرير وجسري الجمهورية والسنك وساحة الخلاني، ومناطق قريبة منها مركزاً لتجمع آلاف المتظاهرين الذين جددوا، اليوم السبت، حراكهم الاحتجاجي عبر الهتافات والشعارات التي ركزت على استقالة عبد المهدي واعتبارها غير كافية.
وبحسب الناشط المدني ميثم الخفاجي، فإنّه "من المؤمل اليوم أن تصدر تنسيقيات المحافظات بياناً موحداً تطالب فيه باستمرار التظاهرات في الجنوب وبغداد ومختلف مناطق التظاهرات".
وأوضح أنّ "ما حدث، أمس الجمعة، هو استقالة متأخرة لا أكثر والمطلوب هو وطن حقيقي بلا محاصصة وبلا أحزاب أو طوائف وبلا فساد وبدولة قانون محترمة ومصانة، والأهم بلا مليشيات وبلا وصاية إيرانية".
وأمس الجمعة، عُقد اجتماعان قبليان في جنوب البلاد؛ الأول في ذي قار والثاني في النجف، صدر عنهما بيانات أكدت فيها دعم المتظاهرين ومطالبهم وانتظار تقديم قتلة المتظاهرين إلى القضاء أو ستضطر العشائر لأن تتدخل هي بشكل مباشر.
تشييع القتلى يتواصل
وشيع أهالي النجف، صباح اليوم السبت، 10 قتلى من أصل 16 قضوا، أمس الجمعة، في تظاهرات وسط المدينة، وجابت مواكب الضحايا المدينة القديمة ومحيط مرقد الإمام علي بن ابي طالب وجرى خلالها ترديد هتافات ضد الحكومة والأحزاب الحاكمة.
في غضون ذلك، ما تزال الناصرية عاصمة محافظة ذي قار، هادئة، بعد يوم صاخب شهدت فيه حرق مقار أمنية وسيارات للشرطة وقطع طرق وجسور رئيسة بالمدينة، حيث تتركز عملية احتشاد المتظاهرين في ساحة الحبوبي وسط المدينة.
ووجهت الحكومة، قيادات الأجهزة الأمنية بتجنب التصادم مع المتظاهرين بكل الأحوال، وقال ضابط أمني رفيع، لـ"العربي الجديد"، إنّ "القيادات الأمنية في بغداد والمحافظات التي تشهد تظاهرات، تلقت، ليل أمس، إخطاراً من الحكومة بعدم التصادم مع المتظاهرين مهما كان، ومحاولة حل أي خلاف قد يندلع معهم بالطرق السلمية".
وأكد الضابط أنّ "الأوامر صدرت للقادة الميدانيين في ساحات التظاهر والمناطق المحيطة بها، بتخفيف الانتشار، وعدم استفزاز المتظاهرين والانسحاب من مناطق التماس المباشر معهم".
وأشار إلى أنه "لم يسجل أي صدام بأي ساحة من ساحات التظاهر، وأن عناصر الأمن قضوا الليلة بمراقبة الساحات ورصد التحركات، خوفاً من محاولات استغلال الأزمة من قبل جهات خارجية للعبث بأمن التظاهرات".
مفوضية حقوق الإنسان تحذر من مجازر جديدة
من جهتها، حذرت مفوضية حقوق الإنسان العراقية، من مجزرة جديدة في محافظة ذي قار، داعية ممثلي التظاهرات وشيوخ العشائر إلى التدخل.
وقالت المفوضية، في بيان أصدرته، ليل أمس، إنّ فرقها الرصدية في محافظة ذي قار، حذرت من وجود مؤشرات لتصعيد الوضع القائم، وتتخوف من تجدد التصادم بين المتظاهرين والأجهزة الأمنية، مؤكدة تحذيرها "من وقوع مجزرة جديدة في ذي قار في الساعات القليلة القادمة".
ودعت، جميع الأطراف من ممثلي التظاهرات ووجهاء وشيوخ عشائر ورجال الدين إلى "التدخل العاجل لنزع فتيل الأزمة وتدارك الأمور وحقن دماء الشباب المتظاهر"، كما حثت القوات الأمنية على "ضبط النفس والتحلي بالمسؤولية".
وناشدت المفوضية المتظاهرين بـ"الابتعاد عن الاحتكاك والتصادم مع القوات الأمنية المكلفة بحماية التظاهرات السلمية والحفاظ على أمن المحافظة وعدم تعريض حياة المتظاهرين والقوات الأمنية للخطر".
من جهتها، أعلنت بعثة الأمم المتحدة في العراق، أنّها لن تتسامح مع أعداد قتلى التظاهرات العراقية.
وقالت ممثلة البعثة جينين بلاسخارت، في تغريدة على "تويتر"، إنّ "الأعداد المتزايدة من الضحايا والإصابات وصلت إلى مستويات لا يمكن التسامح معها"، مؤكدة أنّ "وجود المندسين لإخراج الاحتجاجات السلمية عن مسارها يضع العراق في مسار خطير". وأكدت: "سوف أحيط مجلس الأمن في نيويورك حول ما يجري في العراق".