يبدو أنّ مأساة الأطفال النازحين تتفاقم في ظلّ الوباء العالمي الجديد، نظراً إلى التحديات التي يواجهونها هم وأسرهم. من جهة أخرى، تحلّ بريطانيا أولى في عدد الوفيات أوروبياً والثانية عالمياً
تستمرّ أزمة كورونا حول العالم، ولا يأتي ذلك بمعزل عن أزمات أخرى. ففي تقرير جديد تحت عنوان "ضائع في الوطن"، كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (
يونيسف) أنّ نحو 19 مليون طفل نزحوا بسبب الصراع والعنف في خلال عام 2019، وهذا الرقم يُعَدّ الأعلى مقارنة بالسنوات الأخرى، الأمر الذي يضع هؤلاء الأطفال المشرّدين في بلدانهم من ضمن الفئات الأكثر ضعفاً وسط انتشار فيروس كورونا الجديد.بالنسبة إلى منظمة يونيسف، فإنّ جائحة كورونا تجعل الوضع الصعب أكثر سوءاً، لا سيّما أنّ مخيّمات النازحين أو أماكن الإقامة المؤقتة تفتقر غالباً إلى النظافة والخدمات الصحية الكافية، وتكون مكتظّة كذلك ليبدو الحفاظ على التباعد الجسدي أمراً غير ممكن في معظم الأحيان، وهو ما يخلق ظروفاً مؤاتية لانتشار مرض كوفيد - 19 الذي يتسبّب فيه فيروس كورونا الجديد. وفي السياق، أكّدت المديرة التنفيذية للمنظمة، هنرييتا فور، أنّه عند ظهور أزمة جديدة، مثل جائحة كورونا، فإنّ الأطفال هم خصوصاً أضعف الفئات، مشددة على أنّه "من المهمّ أن يعمل الشركاء الإنسانيون والحكومات معاً للحفاظ على سلامة الأطفال وصحتهم وتعليمهم وحمايتهم".وقد دعا تقرير "يونيسف" الحكومات المجتمعة في إطار عمل الهيئة رفيعة المستوى المعنيّة بالنزوح داخلياً التي أنشأها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، إلى الاستثمار في الإجراءات التي من شأنها توفير الحماية والوصول العادل إلى الخدمات لجميع الأطفال النازحين وأسرهم، خصوصاً في ظل أزمة كورونا.
وأزمة الأطفال النازحين ليست الوحيدة، فثمّة أخرى، منها المستجدّ من قبيل انقطاع أعمال فئات كثيرة من الناس حول العالم بسبب الحجر المنزلي المفروض على خلفيّة حالات الطوارئ الصحية وما إليها. ولأنّ الضرر كبير على الملايين وكذلك على المؤسسات والاقتصادات المحلية، فقد لجأت حكومات عدّة إلى رفع بعض القيود المفروضة في البلاد واستعادة العمل في قطاعات مختلفة. وفي أوروبا التي بدأت تعمد إلى التخفيف من الإجراءات المشددة، على سبيل المثال، فقد شدّدت السلطات على التباعد الاجتماعي وفرضت تدابير جديدة مثل إلزامية القناع الواقي أو الكمّامة في وسائل النقل العام والمتاجر والأماكن العامة. لكنّ جهات معنيّة راحت تحذّر من تخفيف الإجراءات، لا سيّما مع تخوّف من موجة كورونا جديدة.ويأتي ذلك في حين سجّلت العدّادات العالمية أكثر من مليون و200 ألف حالة تعافٍ إلى جانب ربع مليون وفاة بالفيروس من بين ثلاثة ملايين و600 ألف إصابة، علماً أنّ معدّل الوفيات تباطأ بحسب ما يشير مراقبون. يُذكر أنّ الإصابات والوفيات الأكثر عدداً في الأيام القليلة الماضية سُجّلت في الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، فيما الأعداد تتزايد في بؤر أصغر في أميركا اللاتينية وأفريقيا وروسيا.
من جهة أخرى، كشفت بيانات نُشرت أمس الثلاثاء أنّ ما يربو على 32 ألف شخص توفّوا في المملكة المتحدة على خلفيّة الإصابة والاشتباه في الإصابة بفيروس كورونا الجديد، لتسجّل البلاد بالتالي أعلى حصيلة وفيات رسميّة في أوروبا حتى يوم أمس وثاني أعلى حصيلة في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية. بذلك تكون قد تجاوزت إيطاليا التي تُعَدّ الأكثر تضرراً في أوروبا، علماً أنّ حصيلتها لا تشمل الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس.وفي سياق متصل، أقرّ كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية، باتريك فالانس، بأنّه كان ينبغي على البلاد إخضاع مزيد من الأشخاص لفحوص خاصة بفيروس كورونا الجديد في مرحلة مبكرة من التفشّي. وقال فالانس أمام لجنة الصحة في البرلمان إنّه "لو تمكنّا من زيادة قدرة الفحص، لكان ذلك مفيداً، لكنّه لم يحدث لأسباب عدّة". ويشير منتقدون إلى أنّ استجابة حكومة المحافظين البريطانية لمواجهة أزمة فيروس كورونا كانت أبطأ من اللازم، وقد فشلت في احتواء التفشّي بالفحص الموسّع للأشخاص الذين ظهرت عليهم أعراض العدوى من ثمّ تتبّع مخالطي المصابين وعزلهم. يضيفون أنّ الدول التي عمدت إلى ذلك، منها كوريا الجنوبية وألمانيا، سجّلت أقلّ معدلات وفيات مقارنة بالدول التي تخلّفت عن ذلك. يُذكر أنّ المملكة المتحدة التي تُعَدّ من بين الدول الأكثر تضرراً من جرّاء الوباء العالمي، عزّزت أخيراً قدراتها الخاصة بالفحوص، كما أطلقت برنامجاً للفحص والتتبّع والمسح، في حين تبحث في تخفيف إجراءات إغلاق البلاد.